ها نحنُ ذا نعودُ أدراجنا ونرتّب حقائبًا حُبلى بالهدايا التي تمّت مبادلتها من جديد، نتبادل وعودًا بلقاء ضبابيّ الموعد قلوبنا من ليلة الفراق الأولى ترقبه وترتجيه، نعودُ لا تَنْقُصُ أوزان أمتعتنا بل تزيد، من ذا الذي يعود من ديار والديه بوزنٍ منقوصٍ يا صديق؟
لعلّ أعجب الدعوات تلك التي تقول: الله يسعدكن ويبعدكن، لو عاد بنا الزمان إلى تلكم الأيام التي قيلت فيها فلا أظنها تُدعى ثانيةً ولو ممازحةً فالقدر موكّلٌ بالمنطق.
سبحان من أضحكَ وأبكى وأسعدَ وأبعد، تبارك في عليائه له الحمد في الأولى والآخرة، يعلم ما لا نعلم ولكنّنا لا نستطيع صبرًا على ما نعلم ولا على ما لا نعلم.
رزقنا لقاءً من غير حولٍ منّا ولا قوة وسيكرمنا من فضله العظيم بما هو منه أفضل، قرّبنا بمشيئته من بَعْدِ بُعدٍ وسيباعد بيننا وبين أشواقنا يومًا ما بإذنه الذي لا إذن مثله.
اللهمّ لك اغتربت، وعلى وعدٍ بِعَوْدٍ ميمونٍ اصطبرت، قُهِر الصبرُ وجفّت الدموع، وثبت الأجر إن شاء الله.