للتواريخ أثمانٌ تتفاوتُ حسب ذكراها، تواريخ تُفنّدُ حُسنَ ظنٍ فندفع ثمنها باهظًا ومن ثَمَّ نندم حين ندرك أنها لم تكن أكثر من بضاعةٍ مُزجاة، ندفعه من أرواحنا، من صحّتنا، من تفكيرنا المُرهِق اللّامُنتهي، ومن الأسئلة المستعصية تعترض ساعات صفونا بِكَيْدٍ فلا نعرف لها حلولًا مقنعةً أو أجوبة.
وتواريخ لطيفةٌ على النفس خفيفة لا تكلّفنا ثمنًا يُذكر هي البيع الرابح بلا شك فنتمنّى لو أنّها تتكرّر كل يومٍ طيلة العام، لو أنّنا نحتفل بها ما استطعنا، لو أنّ فرحتها اللذيذة تُبْقِي سُكّرها على أطراف الشفاه، لو أنّ رائحتها الزكيّة تتعشّق الزمان كما تفعل مع الأماكن، كذكرى يوم النجاح ويوم العيد ويوم قدوم الأحباب من سفرٍ بعيد.
لماذا تداعب أفئدتنا ذكرياتٌ وتجثم فوق صدورنا أُخَر؟ كيف يبدو تاريخٌ واحدٌ في العمر كَوَشمٍ حميمٍ على ظهر الكتف لا يكفّ عن ازعاجنا ولا تفلح محاولاتنا الجادّة في إماطة أذاه عن طرقاتنا حتى وإن حال بيننا الموج، حتى وإن نسيناه، حتى وإن كنّا من حُسْنِ حظٍ لا نراه؟ حتى وإن كان من المُغرَقين؟ لماذا؟