صباحُ الخير.. وكلّ عام وأنت بخير.
إنّه عيدنا الخامس عشر الذي يفتقدك..
كيف حالك؟
ليس العيد وحده من يفتقدك، جميعنا كذلك، جميعنا.. بكلّ ما تسعه كلمة الجميع من معنى.
عجباً لشعور الفقد كيف يرتبط بأفراحنا ارتباطاً وثيقاً، كيف نفتقد من نحبّهم حال الفرح أكثر، كيف تناديهم الأشياء من حولنا كما ننادي، وكيف يرجعُ إلينا مُرتجف الشّفتين مُغرورق العينين النّداء.
قال عُمَرُنا بعد صلاة العيد البارحة أنّه يرغب بزيارتك، عُمَر الذي لم يعرفك إلا من حكاياتنا والصّور.. وزياراته لك مع والده في بيتك الجديد بين شوقٍ وآخر💔، عُمَر الذي يعرفك من اسمك الذي تتباهى به أسماؤنا الرباعية، عُمَر.. الحفيد الذي ورث الملامح والطّباع، عُمَر.. حفيدك الداوديّ الأوّل مُرهفُ الحسّ خفيفُ الظلّ سريعُ الخُطى البسّامُ العزّامُ اللّماحُ النّبيه.
إنّه العيد، إنّه الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الفرحُ الكبير كما علّمتنا، البهجة والسرور التي تعمّ أرجاء القلوب قبل أن تعمّ أرجاء المنازل، صلة الأرحام الألطف خلال العام بلا منازع، تفاصيلٌ صغيرةٌ كثيرةٌ تجمّعت في أحرفٍ ثلاثةٍ فَرِحةٍ فلا أعطر من ذلك الجمعِ ولا أبهج.
هل كنتَ مثل ذلك تفتقد والديك يا والدي؟
هل كان لك في بسماتنا بعضُ صبرٍ حينما كنت لهم تشتاق؟
أم أنّني وحدي أنا من تبحث عن مثل بسمتك كلّ عيدٍ بين بسمات الأحفاد فلا تجد؟
كبر حفيداك كثيراً كما لم أستعدّ لذلك بعد، يمازحان والدتهما بأنّ هذا الصخب اللّامُنتهي في بيتنا سيستمرّ، بأنّ الضجّة التي كنت تحبّها ولا أحبّها سترافقني حتّى النهاية، بأنّهما مُستقبلاً سيضعا كراسي الأحفاد وعرباتهم وألعابهم عندي بدل أن يضعاها في بيتيهما، حتّى أنّهما استبقا الأيّام واختارا أسماءً لهم أيضاً! هل تصدّق؟
ما هو العمر يا أبي؟
كيف يمرّ بنا على عجلٍ مثل ذلك العجل؟
هل سيفتقدني أنا عاماً من الأعوام حفيدٌ لطيفٌ مثلما يفتقدك اليوم وكلّ يومٍ عمر وكلّ من أناروا دنيانا بعده وقبله أيضاً؟ ربّما.
كلّ عام وأنت بخير ثانيةً وثالثةً وعاشرة، جعل الله لك نوراً ومن جاورك، كن بخير، والموعد الجنّة بإذن الله يا عيد دنيانا الأسعد ما حيينا ورضينا.
#شفاء_داود
2 شوال1443
السادسة صباحاً