سلام الله عليكم ورحمته وبركاته حيثما قدّر الرحمن أن تكونوا وأينما سيقدّر لكم من مقاديرٍ بعد.. وحمداً لله على السلامة..
يستخدم البعض منصّات التواصل الاجتماعي والبعض تستخدمه، أرجو أن نكون من البعض الذي يسخّر هذه القوّة الهائلة لما يخدم هدفه في الحياة.. كلٌّ منّا والطريقة الأسمى التي تناسبه.
جُنّ النّاس بسبب هذه المنصّات، أحياناً تشعر بأنّك في سوق الجمعة، فوضى عارمة، أصواتٌ من كلّ فجٍ عميقٍ تنبع على هيئة ما يسمّى بالمنشورات، تحوّلت صفحات البعض لمنشر غسيل حقيقيّ، فاز من عرف أن يحفظ عليه وقته هنا وأن يسخّر هذه المساحات لمصلحته، للاستفادة منها، وللترويح عن نفسه أيضاً، ضحكاتنا جزءٌ لا يتجزأ من شخصيّاتنا، من منّا يتحمّل عشرة شخص لا يضحك ولا يستطيع أن يجعله يضحك، لا أحد، الجدّيّون تماماً ليسوا سعداء بالتمام.. بالمناسبة.. أنا أيضاً من هؤلاء النّاس.. وقد يكون أصابني ما أصابهم.. أحياناً.. نحن قد نتشارك في المواقع لحظاتنا وكتاباتنا والصور الفوريّة التي التقطناها.. مع أنّنا نقيم جبهةً في منازلنا تطالب بالعزلة ولو فترة.
أقرأ لكم منذ فترة، لا أذكر كيف تعرّفت إلى الصفحة تماماً، ربّما كانت صورةً لم تبدُ عابرةً للبلاد التي كوى البعد القسريُّ عنها أكباد أبنائها كيّاً.. ولمالك الملك الأمر من قبل ومن بعد.. قدّر الله وما شاء فعل، صورةٌ جرّت من بعدها قراءاتٍ طيّبة، تمّت جميعها تقريباً خلال عام، قرأت نصوصاً مختلفة، عمومها كانت بليغة، وتلك صفةُ الجدارة التي تتربع على عرش صفات نصّ الأديب، قال المحاضر في محاضرة البلاغة الأخيرة: كلّ أديبٍ كاتب وليس العكس صحيح، وكلّ بلاغةٍ أدب وليس العكس صحيحاً أيضاً.
نقرأ يومياً عشرات النصوص والخواطر والرسائل، تتأرجح القراءة والكتابة في حيواتنا بين الحاجة والرفاهية، من منّا يستطيع أن يهنأ بإحداهما إن لم يكن مستقرّاً بعض الشيء في عموم يومه؟ لماذا يتوقف الزمن عند نصٍ ما؟ كيف نعيش الحدث ونتخيّل الموقف ونتفاجأ أنّه كُتب منذ زمنٍ بعيد! كيف؟ ربما لأنّ البلاغة نعمة لا يلقّاها إلا ذو حظٍ عظيم.. الحمد لله.
ما ذكرته تعرفه مسبقاً، أعلم.. أردت أن أُأَكّده وأذكّر به، ما أردت قوله أنّا ننتظر افتتاح مدوّنةٍ تضمّ النصوص مع القرّاء ثانيةً لأننا نستحق.. ولأنها تستحق.
قال المحاضر أيضاً.. أنّ الكاتب الحقيقي ليس بالضرورة من طبع كتاباً، فذاك أمرٌ غدا سهل المنال على الجميع، إنّما هو من طُبعت بلاغة كتاباته في ذهن القارئ ليتذكّر بعضها في لمحات يومه وكأنّها تكتب لحظتها أمامه من جديد.
بدأت هذه الكلمات بالسلام، بتحيّة أهل الجنّة، وتنتهي بمثله، بارك الله القلم وصاحب القلم، في أمان الرحمن.
الأردن – عمّان 2022
رسائل لم تُرسل