كيف ألحّن حياتي؟ كيف أصنع لها نغماً حلو الرّنيم؟
هل للحياة لحنٌ مّا فعلاً؟ من لحّنه؟ أين ومتى.. كيف نسمعه؟
نعم.. لها بدل اللّحن الوحيد ألحانٌ عدّة، نلحّنهم بالعمل، نسمعهم كلّ أمل، كلّ عزيمة، كلّ ارادةٍ جبّارةٍ وكلّ شغف.
كلُّ جيلٍ يتساءل عن سابقه كيف عاش دون أن يكون في حياته رفاهية كذا واختراع كذا وتطوّر كذا وكذا، ثمّ يتذكّر أطلالاً شهدها عند أجداده ويشتاق إليها ولا يفهم أحدٌ حتّى الآن فلسفة شعور الشوق الغريبة، نشتاق إلى أشياء لو صارت بين أيدينا لزهدنا بها ونحنّ إلى أماكن لا نحبّ لعيشنا الاستقرار فيها ونفتقد أشخاصاً لا نطيق الاجتماع معهم أكثر من ساعتين في العام كحدٍّ أقصى؛ أيّ انفصامٍ في الإحساس ذاك الذي يربك مشاعر الوله فينا؟ لا ندري.
لعلّ الشوق ليس شعوراً نحو الأشياء والنّاس والمدن فحسب، إنّما هو افتقادٌ لحظيٌّ لتواجدنا مع من نحبّ وما نحبّ على النغم الذي نحبّ؛ الشوق أنين.. لحنٌ حزين.. حنينٌ لشعورٍ أكثر من كونه حنينٌ لإحساس، لأنّه غالباً ما يقنع ويهدأ ويرضى بنعمة رؤية بسمات أحبّتنا على الشاشات ويسكن بسماع أصواتهم والاطمئنان على أحوالهم، لا أقول أنّه رضاً كلّيٌّ تام، ولكنّه رضاً مؤقّتٌ يؤدّي الغرض ويريح الرّوح من ثقل شعور انتظار ما غُيّبت معالم زمان نهايته ومكانها عنّا لحكمةٍ مّا إلى لقاءٍ لا بدّ أنّه آت.. الله كريم.