إنّها السادسة مساءً لأَحَدٍ لا يشبه الآحاد في شيء..
على غير عادة.. هدوءٌ لا يرحّبُ به زار المنزل بلا ميعاد.. آخر العنقود غفى غفوةً طالت بعض الشيء بعد تلقّي الجرعة الثانية من المطعوم، وأخته مثله أيضاً فعلت دون أن أنتبه.
تمنّيت أن يتوقّف الزمان بي زمناً وأنا أتأمّلهما، تمنّيت ألّا نكبر بعدُ جميعنا، تمنّيت أن يبقيا في بيتي إلى الأبد، تمنّيت أن ينسَيا غضباتي التي لا تنتهي ليس لأكثر من أنّ كلّ أمٍّ تتمنّى لحياة أبنائها قيمةً أفضل؛ هل سمعتم عن أمانٍ بلا صبرٍ ومجاهدةٍ تتحقّق؟
أسمعُ من بعيدٍ صوت الجدّة تسمع من بقيّة أحفادها ما حفظوه هذا اليوم من آيات، وأدعو الرحمن ألا تنقطع هذه الأصوات العذبة عن بيت الجدّ ما حيينا.. وأتمنّى على استحياءٍ ثانيةً.. ألّا نكبر.
أتذكّرها منذ أيّامٍ تسرد لنا الذكريات: عندما جئنا إلى المدينة المنوّرة منذ أربعين عامٍ كنّا حريصين على زيارة المسجد النّبويّ ما استطعنا، كنّا نقول لأنفسنا أنّنا نريد أن نشبع منه قبل أن نرجع إلى حلب!
لم يرجع إلى فستقة الروح أحد.. ولم يشبع من الحرم أحد.. كبر الجميع.. ولم تستثنِ سرعة الأيّام من علامات تقدّم السنّ عبر الحنين والسنين أحد.
«أقولهَا بنفسٍ مُقصّرة: والله مَا رأيتُ شيئًا يجلب الفُتوح الربانيَّة كَمثل سَلامة القَلب وتمنّي الخَير للآخَرين والدُّعاء لهُم وكفّ الأذىٰ عنهُم، ولا بُد أنْ تعلَم يقينًا أنَّ الكَثير منَ الفتوحَات الربانيّة لنْ يسْتطِيع أَنْ ينَالها العَبد بقوّته واجتهَاده وإِنَّمَا بصفَاء النيّة وحُسن الطويّة.