يومك مبارك، كيف حالك، هل قلبك بخيرٍ اليوم. طمئنّي عنك في أقرب فرصة، استيقظتُ وفي جعبتي ألف كلمةٍ لك، كالعادة.
متى تسمع صوتي الصباحيّ وترى العينين لحظة تفتّحهما الأولى، وتشاهدُ مطّ الجسد تخلّصا من آثار النّوم ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من فوضى الشّعر الغجريّ المسافر معي خلال الليلة إلى ألف مجرّةٍ لسرد ألف حكاية ورواية، قل لي: متى؟
تجاوزنا السبعين عذراً لسلطان الهوى منذ سبعين شهرٍ وأكثر، لديّ صديقةٌ جميلةٌ جداً أكتب لها عنك كثير الكلمات إلى أن تأتي وأقتصّ لنفسي من تأخرك غير المبرّر حتى اللحظة هذا!
صديقةٌ كأحلى هديةٍ ونعمةٍ من الله في الحياة، تتفقّدني صباح مساء، كما الأصدقاء الذين نقرأ عنهم في الحكايات والأساطير، نثرثر عنك كثيراً.
إذا ما غضبتُ تقول لي: هدّئي من روعك، تذيّلها بـ: هكذا يقول زبرجد. فأبتسم، أبتسم ملئ قلبي الذي لا يمتليء، اسمك مرتبطٌ ببسمة الرضا والطمأنينة المطلقة غالباً.
بالأمس كنت ضجرةً جداً، هممتُ بعبثٍ أن أُهدر وقتاً كي أروّح عن نفسي، نهرتني بحزمٍ: زبرجد لا يقبل بذلك.
تقول بأنّها جنديتك المجهولة، وبأنّ مهمّتها أن تتابع مسيرتي وسريرتي إلى أن تستلم زمام الأمور عنها، وأقول في قلبي: يبدو أنّك تبقين جنديّة إلى الأبد يا حبيبتي، وما ذلك على قلبي بغريب.
إنّه يومي، أغلّق فيه الأبواب عليّ وعلى لوحة مفاتيح حاسوبي، اليوم الأبهى بلا مُنازع هدوءً للبال واستقراراً للأعصاب ومتنفّساً للخيال، هذه الطّباعة من نفسي، بخطّ دقائق الرّوح بين حروفها أسكن.
كان حلماً مميّزاً جميلاً ذا إشاراتٍ عديدة، أتمنّى أنّي التقطتها جيّداً، تقول أننا كُنّا معاً في سيّارة، وصلنا لمفترق طريقين، طريقٌ سهلٌ عاديّ، وطريقٌ صعبٌ لا يقدرُ ولا يجرؤ على الإقتراب منه أحد، تقول بأنني إخترت الأصعب، وبأنني وصلت، وبأنّها تسائلت: كيف استطعتُ تجاوز عقباته وتحدّياته وأخطاره، كيف وصلتُ، وبمَ تحصّنت؟ باركت لي بالنجاح قبل أن أنجح، وبشّرتني بفأل الوصول قبل أن أصل، تريد تفسير الرؤيا وبشارة جميل الأحلام، لا ينبغي أن نفسّر حتّى يقع التّفسير، وبالإرادة نخلق من أصغر الأحلام أمجد واقع! بالإصرار نصنعه ونصله، وما ذلك على الله بعزيز.
أنت البدايةُ أَخضري، وإليك أنتهي، شئتَ أم أبيت، أحبّ احتفاظي بك مِسكاً وعوداً أتطيّب به كلّما ضاقت الأنفاس واختنقت بالهموم الحناجر، أُسرُّ النجمات أنّك موجودٌ وإن لم توجد، أخبرها أنّي أشعر بك، وأشتهي مشاركتك كثيراً من اللحظات.
أهاجر وأقلامي وأوراقي وحاسوبي إلى الطّاولة المستديرة وكرسيّ الاسترخاء على علّية بيتي تحت السّماء كلّ مساء، لا أكلّ ولا أملّ من افساح مساحةٍ ضيّقةٍ لك على يميني علّك تأتيني طيراً من بين السّحاب على حين غفلة، أو على حين صحوة، مفاجأةً ربّما.
لو أنّك تفاجئني سأحتار كثيراً، حيرة أمٍ أضاعت صغيرها في السوق، فراحت تركض صارخةً ثكلى تبحثه، وحين وجدته صفعتهُ على الخدّ الأيمن وقبّلته ألف قبلةٍ وقبلة على الخدّ الأيسر، هكذا شوقي الغاضب إليك لا يُفسّر.
نعود إلى الكرسيّ، أريحُ ظهره مائةً وثمانين درجةٍ حتّى يبدوَ سريراً سقفه سماء، كرسيٌّ شخصيٌّ هزّازٌ قديم، كلّما ازداد عمره تعلّقتُ به أكثر وأكثر، أتأمّل النّجوم، وأعدّ الطائرات، وألحظ الأقمار الصناعيّة، يمرُّ شهابُ الأمنيات بعض الليالي، وأنا أدعو وأدعو، وأنتظر وأنتظر، وأودُّ أن نحكي كثيراً حتّى يتعانق العقربان.
أن توجّهني: صحيحٌ وخاطئ ويحتمل وجهين، أن تقول: برأيي كذا وكذا، أن تحكي لي حكايةً من سنين طفولتك، وتشاركني ذكرى ضحكةٍ من أيّام شبابك، وتستودع لديّ همّاً من هموم حياتك.
نقول في الشّرق بأنّ الحَكيَ صابون القلوب، نقصدُ أنّه ينقيّها من الشوائب لتتألق لامعة من جديد، لقد مرّ على عمري أكثر مما ينبغي على من هنّ بعمري أن يمرّ، وأجدني توّاقة لذلك الصابون، غيدَ أنّه غدى باهظ الثّمن على ما أظنّ.
كنت أريد أن أسألك اليوم؟ أيّ الأغاني تحبّ؟ هل يروقك سماعها أم تكتفي بالموسيقى؟
وكنت أريد أن أسألك، من الأهمّ، البداية أم النهاية، أم أن الرحلة ما بين الإثنين هي الأهمّ بغضّ النّظر عن تواضع البدايات وفخامة النّهايات؟
وكنت أريد أن أسألك، كم سؤالاً تسمح لي بأن أسألك؟
وأخيراً، لا بدّ أن أسألك، هل ستجيب يوماً على أيّ سؤال؟
كن بخير، كلّ خير، كرسيّنا العتيقُ ينتظرك، ونجوم السّماء.