يبدو أنّي في حياتي السّابقة كما يقال كنت أستطردُ كثيراً، وأزيد على ذلك أنّي أتشتّت، وقد أُشتِّتُ القارئ معي أثناء التّعبير إن كتبت في جوٍّ صاخب، قلمي إلى الهدوء ميّالٌ، أمّا أنا فإليك على مدى الأزمان ميّالة.
أكتب لك هذه الكلمات لحظةَ هدوءٍ نادرةٍ من العمل، وأنا مسؤولةٌ عن نفسي وعنها أمام رب العالمين، لا أكتبُ إثماً أخشى أن يطّلع عليه النّاس، ولا أخطّ رسائلاً يضيقُ صدري إن رآها أحدٌ بعد موتي، هي كلماتٌ في الأدب، لي فيها وللقارئِ المغتربِ سلوةٌ ووطنٌ وارتواءُ حنين.
بعضُ العلاقات قائمةٌ على جمع الأضداد، جمالها في تحدِّ استحالةِ استمرارها لكلِّ لا، ونسفها كلَّ عائق.
النشأةُ والحياةُ في بيتٍ جمع ثقافتين لمدينتين ليست نشأةً عاديّة، جرّبتها مرّةً، كانت طيبةً جدّاً، لكنّها مثل أي نشأة تمرُّ بعقبات، اجتماع الأقطاب له آثارٌ كبيرةٌ رائعة، وفي الظلِّ آثارٌ صغيرةٌ مع العمر تبدو مدمّرةً بل كارثيّة.
حفيدة الشيخ، ابنة الطّبيب، أخت العلّامة، وَغير وَغير؛ اسم العائلة يلتصق بنا بطريقةٍ جميلةٍ أحياناً ومزعجةٍ جداً أحياناً أُخرى.
كيف؟
يعتقدُ النّاسُ عموماً أنّ اسم العائلة يشرّفك، ولست أنت من يزيدهُ بمرورك عليه عزةً وفخراً وشرفاً.
اسم العائلة عبءٌ أحياناً، لا نستطيع تجاوزه والمضيّ بدونه، لهُ علينا اعتبارات، ولنا عليه حقوقٌ وواجبات، لذلك أخوف ما أخافه أن أكتب شيئاً أندم عليه لاحقاً، أو أقول : ليتني لم أفعل، والله يعلم أنّي سألته ألف مرةٍ أن يجعل لي نوراً أعرف فيه طريق حرفي.
ادعُ لي، ولحرفي، وللرّسائل، وإلى أن أحمل اسم عائلتك، كن بخير، والسلام.