لم أدرك قبل البارحة أنّك أسمر البشرة، بدى ذلك لطيفاً ومتناغماً مع معظم أغنيات الشرق التي تتغنّى بالسّمر والسمار.
لا تعرفني ولكنّي أعرفك، ربّما لم تفتقدني يوماً ولكنّي أفتقدك منذ سنوات، متى بدأت أشعر بالفقد؟ لا أدري! متى بدأت رحلة البحث عن وجهك بين الصور، ومتى عرفت اسمك وعمرك وعنوانك، هذا سرٌّ لا ينبغي إدراكه، نقطة انتهى.
كيف كانت صباحاتك الثلاثمائة الأخيرة؟ بم كنت تفكّر؟ هل خطرتُ على بالك ولو للمح البصر؟
ماذا أكلت؟ وماذا شربت؟ أيّ العطور تعطرت بك؟
كيف كان حال هندامك وطعامك وشرابك ومقامك ومنامك؟
أسئلةٌ كثيرة أريد أن أسألك إياها، أريد أن أقول أنّي في كلّ الصباحات كنت موجودة، أنّي لطالما تذكّرتك مع حلو اللُّقم، أنّ عطورك مصفوفةٌ أمام المرآة تأبى أن تعطّر أحداً سواك، كثيرٌ من الرجال تضيق عليهم قمصانهم وتتمزّق عرى الأزرار عند سُرَرِ بطونهم بعد حدثٍ مّا في الحياة، إلا قمصانك غدت فضفاضةً جداً يعزّ عليّ التخلّص منها ولا أعرف مقاسك الحاليّ لأبتاع لك بعضاً جديدة.
منذ متى التقينا، متى افترقنا؟ متى نعود لنلتقي، ومتى سنرجع نفترق؛ كلّ الذي أعرفه أنّي بالقرب دوماً، أغطيّك إذا ما نام الجميع، أقرأ عليك المعوّذات ليلةً بعد ليلة، وأدعوه أن نرضى، وما ذلك عليه بعزيز.