هل كنت بائساً إلى ذلك الحدّ؟
ذاك شأنك، لكنّي أظنّ أنّك العزيز يوماً ولن تكون العزيزة أبداً.
أنت من اخترت لنفسك وَحْلاً مثل ذلك، فَدَفَنْتَ نفسك في ظلمة الوهم وذلّة التّخفّي وأنت حيٌّ تُرزق على شمس الحياة.
ربّما تفهّمت جزئيّاً أن تتخفّى فتاةٌ باسمٍ افتراضيٍّ على هذه الشبكات كي تعبّر عن شيءٍ مّا أو تتعرّف أو تتعلّم دون أن يقترب من صرحها أحد، لطالما قلت في نفسي نزوة طيشٍ وخوفٌ من موجودٍ قد تنقضي، ولكنّ اللّاتي صادفتهنّ كنّ فتياتٍ تتحرّكن هنا بأسماءٍ أنثويّةٍ مُستعارةٍ لا بأسماء ذكور.
أمّا في هذا اليوم، فقد جاءت المفاجأة مروّعة، رجلٌ يتخفّى وراء اسم فتاة، رجلٌ ناضجٌ واعٍ عاقلٌ يفترض بأنّه بلغ أشدّه أو سيبلغ وغزاه الشيب على ما بدى ويبدو.
ماذا يدور في أنفس النّاس؟
أيُّ بؤسٍ يدفعهم لمثل ذلك؟
عن ماذا يبحثون؟
وبم يتسلّون؟
لست أدري..
بدى ذلك مضحكاً للغاية، ومخزياً مؤسفاً في الوقت ذاته، أن نعيش وسط هذا الكمّ من المحبطين المتألّمين الافتراضييّن بشكلٍ مّا الذين لم يجدوا طريقةً للتنفيس عن آلامهم إلا بإيلام الآخرين سواءً بقصدٍ أو عن حسن نيّةٍ لا تُغتفر.
ضحكتْ، ضحكتُ كما لم أضحك منذ زمن، ليس لأنّها فراسةُ الأمّهات والمعلّمات التي لا تبرحني ولا أتخطّاها، وليس لأنّي أدركتُ ذلك في الوقت المناسب، إنّما لأنّي شعرتُ بأنّها عناية الله تحلّق بنا وتحتضننا بلطفٍ دائماً لنرى ما يدور على أقرب صفحات الكتّاب الذين تبرأ الكتابة الحرّة النّزيهة من أمثالهم.
في حمى الرحمن للأحرار، دمتم بأمان.