وددتُ أن أقول لكَ أنِّي بكَ مُعجبة، وليست كلُّ معلّمةٍ بتلميذها كذلك؛ لمّاحٌ كما نحبّ من التلاميذ أن تكون.
صنعنا كثيراً من الذكريات، أعذبها بالأمس، نحفظُ معاً سورة المسد، تسألني عن معنى اللّهب، ومن هو أبو لهب، ماذا نفعل إن أخطأنا، كيف نستطيع أن نستغفر مائة مرة، ولماذا خلقنا الله.
تُحكى الحكايا وتُجاب الأسئلة، يتبسّمُ الصّغير، يثني ركبتيه إليه ويضعُ وجهه الجميل بين كفّيه، ويعبّر بكلماتٍ لطيفةٍ عن حبّ رسول الله مُستاءً من أبي لهب.
يقول: حين أرى رسول الله سأهديه زهوراً بيضاء، سأصنعُ لهُ طعاماً لذيذاً، سأدلّك له قدميه.
أبكاني، وسافر بي عبر الزمن سنين؛ كانت حصّة التاريخ الأخيرة في الصّف الرابع الابتدائي، وكان الدرس عن وفاة رسولنا الأمين، خطّت المعلّمة العنوان على السبورة السوداء، فَبكت جميع الطالبات.
ترجوها ميّادة: أجّلي الدرس، لا نريد أن يموت، لقد تعب كثيراً، ما زلنا متأثراتٍ بما جرى في غزوة أُحد.
تبسَّمَت مُعلّمتنا؛ كان قد توفّي منذ ألفٍ وأربعمائة عام.
سنلقاه، سنزوره معاً، سنقبّل اليد الشريفة، سنحكي عن حكايات الشوق التي كنّا نرسلها له مع كلّ “صلى الله عليه وسلم”، سنهديه الزهور البيضاء، كلّ الفلّ، وكلّ ياسمين الجنّة يا صغيري.