بسم الله الرحمن الرحيم
“إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)”.
سورة التوبة.
تقول العرب: هو ثاني اثنين؛ يعني: أحد الاثنين، و”ثالث ثلاثة، ورابع أربعة”، يعني: أحد الثلاثة، وأحد الأربعة.
بين التفسير والنحو ومعاني المفردات والتدقيق والتحرير وسؤال الشيخ عن الفتوى تمّت كتابة هذه الكلمات.
أدرك أنّ سنيناً ثقيلةً أطبقت على صدورنا وجعلتنا نخطئ التعبير تحت ضغط المشاعر أحياناً دونما قصد.
أذكر هُنا حديثاً نحبّه: (لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته التي عليها طعامه وشرابه فأضلها في أرض فلاة، فاضطجع قد أيس منها، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة على رأسه فلما رآها أخذ بخطامها وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح).
صحيح مسلم.
جميعنا نخطئ، جلّ من لا يسهو، منطقي جداً أن كثيراً من أخطائنا نتيجة شعورٍ مّا، اللامنطقي نسخ الأخطاء ولصقها دون تفكير أو أدنى حسٍّ بالمسؤولية الفكرية أو الأدبية أو حتى الشخصية، اللامنطقي هذا الهوسُ العنكبوتيّ بنسخ المقالات ومسح أسماء كتّابها وادراجها في الصفحات دون اعادة نشرها من صفحة الناشر بكلّ بساطة ونزاهة.
ماذا لو أن الشبكة تكرّمت بفرض غرامة مالية على مُدمني النسخ واللصق الالكتروني وسرقة النصوص كي نهنأ بقراءةٍ ماتعةٍ لمن يستحقّ فقط؟
لن يعجب هذا كثيراً من الفارغين بلا شكّ.
سبب كتابة المقال؟
أظنّ أن أحدهم من الفرحة أخطأ التعبير بشكلٍ أو بآخر حين كتب: ستةٌ وسابعهم ربهم.
ربّما كان الصّواب: ستّةٌ معهم ربّهم.
ليس خطأه المشكلة، المشكلة الحقيقيّة في ناسخي العبارة المتسابقين إلى نسبها لأنفسهم وادراجها بين سطور نصوصهم لتنتشر خلال الساعات الماضية دون أن يرتفع صوت غيرةٍ وحقٍ منبهاً أن هذا وصفٌ غير موفّق تماماً، لا يليق ولا يصحُّ فليس من التأدب مع الله الواحد الأحد أن يوصف بعددٍ مّا وإن كان المعنى مُسقطاً في موضعه عن المعيّة وليس عن العبادة.
يتفهّمُ المواظبُ على تلاوة سورة الكهف كل جمعةٍ أسباب الوقوف على اللفظة، نقرأ القصة وتمرّ علينا آية عددهم ونتدبّرها دوماً؛ لماذا في هذه الآيات ذُكر الكلب كمتمّمٍ لعدد أصحابه ولكن في آيات معيّة الذات الالهية للأنبياء نتلو الوصف بلا تعداد واضحاً: “قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ (46)”؟
سورة طه.
لماذا نتلو: “ثانِيَ اثْنَيْنِ” ثمّ تتبعها: “إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ”دون وصف المعيّة بالثالث؟
كما نتلو: “لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(73)”.
سورة المائدة.
بقيَ أن أقول أنّ الفتوى نصّت على أنّها لفظةٌ لا إشكال عليها شرعاً إلّا أنّ الأنسب قولنا تأدباً: معهم ربّهم.
حفظ الرحمن المغيّبين عن العيون أينما كانوا وجعل لهم نوراً، وربط على قلوب أمهاتهم وبناتهم وزوجاتهم وأخواتهم وكلّ أحبابهم إلى تقرّ بالاطمئنان عليهم والوصول إليهم.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.