لكَ أن تتخيّل جمال تلك الساعة، مجلسٌ من شخصين تحفّهُ الملائكة وتغشاهُ الرحمة ويذكرهُ الله فيمن عنده.
تتلو المعلمةُ العربيّةُ للطفلِ غير الناطق بها آيات سورةِ ‘الكوثر’، توضّحُ معنى كلمة ‘آية’، تذكرُ عدد سطور السورة، يسردانها معاً لتجويد مخارج الحروف.
تشرح له معنى الكوثر، تبرقُ عيناهُ كَمَن أُعرج به إلى هناك، يُعبّر بطُهر الأطفال عن روعة أن نؤمن بوجود مكانٍ لا نراه، يصفه بلغته ‘بالنّهر السحريّ’؛ فتَصِفُ له ‘لا نظمأُ بعدها أبداً’.
يؤذّنُ العصر ويركضُ إلى الصلاة فكأنّ الجنّة بأبوابها الثمانية تركُضُ إليه.
تتبسّمُ المعلّمة، تتذكّر قول الحبيب أن كلّ مولودٍ يولدُ على الفطرة، وتذكُرُ ما فعل أبواها، تتذكّرُ ماء الزّهر كيف كانت تجمعها واخوتها بعد صلاة العشاء لتحكي لهم بضع أحاديث عن الجنّة من مجلّدٍ أخضرٍ قديم.
تتذكّر نبض القلب الذي لم يتغيّر منذ أوّل مرّةٍ تخيّلت فيها أنهارها، وتتأمّل بسمة التلميذ وهو يسألها بلهفة: إذا كان هذا شعورنا ونحن نتحدّث عنها فكيف سيكونُ حين نراها؟
كيف؟