الرياض – آذار 2021
منتصف النّهار
مثل هذا اليوم ينتهي عقد الإيجار، ظننتك مستأجراً عاديّاً وإذ بك مالكٌ من النّوع الذي لا يغادر وإن غادر.
مضيتَ ومضت بشقّ الأنفس الأيّام، والصباحات بعدك تسبّح: سبحان الحيّ الذي لا يموت.
لخوفي من ذلك الموت الذي يباغتنا أركض مع الحياة ما استطعت.
تقولُ:
«إذا حمل الإنسان أكثر من طاقته، سوف يعجز، قد يؤذي ظهره».
ذكّرني لُطفاً، ماذا تعني كلمة ظَهْر؟ أنا مُذ صرت أُمّاً أصبحتُ ظهراً ودرعاً ولا أظنّ أنّ الظَهْر يملكُ ظَهْراً!
على طريق العودة إلى البيت من العمل أفكّر بالحوارات الجميلة التي تمّت اليوم، كانت تصفُ لي زميلتي أشجار القيقب في بريطانيا بأدقّ التفاصيل، أسألها ممازحةً: ماذا تبقى لجيران تلك الطبيعة أن يَرَوْا في الجنة بعد؟ رضاك ورؤيتها وسُكناها يا رحمن.
كيف يقرّر المرء أن يرتدي عباءة السوداويّة والتشاؤم و يحياها ضيقةً دون أن يعيد تفصيلها ببحبوحةٍ مريحةٍ تسعه وتسعده ومن يحبّ؟
بعض الحوارات تستحقّ تأليفَ مقالٍ مُطوّلٍ مُتأمّلٍ في التغيّرات الفكرية التي تطرأ علينا حواراً بعد حوار، الحمد لله الذي إذا أعطى العقل والحكمة وحريّة الاختيار وأدهش.
تتغيّر قائمة المحيطين بنا باستمرار بإرادتنا وارادتهم تغيّراً جذرياً لا نصدّقه أحياناً وقد يروق لنا كثيراً، ويذكّرنا بكثيرٍ من المحطّات العمريّة، نبتسم ثم نتساءل: ما هذا الفكر ومن هذه الأنا، تدندن شخصيّاتنا الجديدة ضحكات الانتصار على ذواتنا القديمة، وينظر الصّامتون لنا نظرةً فاحصةً تتمنّى أن تقيس لنا درجة حرارتنا لتتأكد أنّنا بخير، قد يخرجون ذات غيظٍ عن صمتهم ويطالبوننا بعدم التّغيّر خشية تبعاته فالتغيير جرّار، وسبحان الذي يغيّر ولا يتغيّر.