مع بداية الإجازة الصيفية، بَعد العام الدراسي المُذهِل والمُذهَل عن بُعد، ينتابني شعورٌ غريبٌ لا أستطيع تجاهله أو تجاوزه، بأنّها إجازةٌ من إجازةٍ بشكل أو بآخر!
واظبوا ودرسوا وحلّوا الواجبات وشاركوا بالحصص واجتازوا الامتحانات وأخذوا الشهادات؛ لكنّني لطالما حسدتهم من صميم قلبي أن تناولوا صفوفهم على أريكة الصالة وحول مائدة الطعام، بل إنّ كثيراً منهم حضروا الحصص في وسائل المواصلات وفي صالات الانتظار وفي أماكن غير متوقّعةٍ ينبغي أن نسرّها في أنفسنا إلى الأبد عن حدود ادراك المعلمين والمعلمات كي لا يعرفوا أين كان يتردد صدى أصواتهم أحياناً، فالستر جميل.
لا أعرف لماذا تعود بي الذاكرة عشرين عاماً إلى الوراء، بدقّة أكثر لنقل: واحداً وعشرين، إلى الحلقة الأخيرة من مسلسل الخوالي، أيّام ما كان في مسلسلات بتنشاف.
أستحضرُ تماماً مشهد والدة نصّار عريبي على الشرفة مجنزراً في طريقه إلى الإعدام.
تناديه قائلة:
“تبلى عيوني بالعمى يا إمّي،
تبلى عيوني بالعمى،
روح،
قلبي وربي رضيانين عليك دنيا وآخرة يا ولدي،
آه يا ابني”.
لا أعرف لماذا أشعر برغبةٍ ملّحة أن يبشّرني ثقةٌ أن المدارس بالتأكيد حضوريّة العام المقبل، لأكرّر تمثيل هذا المشهد الذي قلّدناه كثيراً في طفولتنا.
أتمنى من كلّ قلبي أن يشرق صباح الأحد 29-8-2021 وأنا أوصل أحمد إلى المدرسة مجنزراً بحقيبته المدرسية واللانش بوكس، بعد عام الكورونا واعتكافه الدراسي القسريّ في المنزل، أن أقف وقفة اعتزازٍ وشموخٍ لمُحاربٍ مُنهكٍ أنهى أشرس معاركه المُباغته للتوّ دون أن ينتصر، أثأر فيها لكلّ الأمّهات حول العالم، أن نزغرد لتلك العودة الميمونة معاً، أن ندمع فرحةً وليس حزناً، أن نتناول الإفطار سويّةً أنا وأنتنّ بعد تركهم للطابور الصباحيّ والإذاعة المدرسية والمرشد الطلابيّ، أن أقول له مودّعةً ما قالته هالة شوكت:
روووح،
_ ولكنّني سأمدّها ستّ حركاتٍ مّا استطعت إلى ذلك سبيلاً، مدّاً لازماً وصلاً ووقفاً، أو ربّما حتّى ينقطع النّفس_
روح،
قلبي وربي رضيانين عليك،
الله معك يا ولدي،
الله معك يا حبيبي،
سلّم “عالأساتذة” يا مرضي.
====================================
ابني وبعرفه، ما حيتحمّل يشوف فرحتي وفرحة أمّهات صحابه “المبرّرة طبعاً”،
وحيعمل حركة بسام كوسا بعيونه لما أشّر لأمل عرفة تنزّل الخمار على وشّها وهيّة عمّ تزغردله، حزين وواعي اسم الله حوله وحواليه.
أحمد وما أدراكم ما أحمد؟
الله يجعل له من اسمه نصيب،
يصلحه ويكبّره بالسلامة ويجعله من الصالحين وأبنائكم أجمعين، ويبعتلهم أيام حلوة تسرّ الناظرين، وإيام طيّبة أحلى من أيامنا.
مازال أمامنا سبعةٌ وستّون يوماً برفقة الرجل الصغير المشاكس الجميل، وأسئلته التي لا تنتهي.
وما هذه الكلمات إلا مقتطفات عابرة من مُذكّرات الليلة الرابعة.
====================================
ملاحظة غير مهمّة: رابط المشهد.
الملاحظة المهمّة: اللهم إنّي أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنّي راضية عن أحمد فارض عنه وأرضه وأخته يا رب العالمين.
====================================
من اكثر ما أضحكني مؤخرا 😂
الله يبارك بأحمد وأخته وأمه الغالية ❤️
دامت الضحكة❣️