أذكرُ تلك الليلة تماماً،
والدي القويّ،
نور عينيّ،
يتّكئُ على كتفي،
ماشيَين نحو الصالة.
يقول:
أصبح “بابا” عجوزاً.
لم أحتمل قولته..
أبي أجمل أب،
أبي شيخ الشباب،
وأبي..
الرجل المُثنّى الذي لم أعرف في عمري مثله.
تبسمت،
شددت يمينه إليّ أكثر،
قلت بحزم:
الرجل يشيبُ ويشيخُ ولا يعجز يا “بابا”،
اللغة العربية أنصفتكم،
نقول: امرأةٌ عجوز، وشيخٌ كبير.
تبسّم ببهاءٍ بسمةَ شابٍّ ثلاثينيٍّ تستبق الجارات لاختلاس النظر إليه حين يمرّ تحت شبابيكهنّ في الحارة.
أفلت يميني!
ربّما للحظةٍ لم يعد بحاجة لتلك الاتكاءة!
وصل إلى الكرسيّ، أكرمني ب: الله يرضى عليكِ.
كانت بسمةً تليقُ بكلّ أبٍ وكلّ رجلٍ في الحياة.