جناحان وسحابة
هل تلتحفُ الجناحين السحابة؟ أم أنه بسط منهما لها في فضاءات الفَلَك الظلّ الظليل؟ تبسّمت على استحياءٍ السماء، كلاهما كان فوق النجوم يسبح، كانت بين الكواكب تحلّق، وكان بين الأقمار يطير.
هل تلتحفُ الجناحين السحابة؟ أم أنه بسط منهما لها في فضاءات الفَلَك الظلّ الظليل؟ تبسّمت على استحياءٍ السماء، كلاهما كان فوق النجوم يسبح، كانت بين الكواكب تحلّق، وكان بين الأقمار يطير.
لَمَعَ العمرُ، مشى فأبطأ ثُمّ هرول، وها هو ذا على وشك الأفول. جاء اللقاء يمشي على استحياءٍ يتغنّج ببطءٍ تُحيّر رخاوة صبره الأعصاب، ثمّ ذهب مهرولًا قبل أن يتنفّس الصعداء ولوّح بسرعة برقٍ تُصيّر شدّة سبره القلوب. دَمَعَ العمرُ، لمْ نحظَ بلقاءٍ بحجم الشوق يومًا، وربّما: لنْ.
«البنت التي نصف سمكة!» هكذا وَصَفَ حوتٌ حديث عهدٍ بالحيتان حوريّة البحر، «حويتيتٌ» لطيفٌ ظريفٌ تعرفه عن قُربٍ مُتعِبٍ سمكةٌ لطيفةٌ ليست نصفًا كما لا يعرفُ نفسهُ لم يتعرف عليها بعدُ ولن، وَصَفها بلهجةٍ جادّةٍ أثناء حديثٍ عابرٍ لم يعبر ببساطةٍ كما لم يقصد، فتلكنّ اللّواتي لَسْنَ «نصف سمكاتٍ» أجاركم الله تُجمركن الكلمات بعنايةٍ فائقةٍ
يشبه البشر النباتات شبهًا استثنائيًا بشكلٍ أو بآخر من حينٍ لآخر. ربّما هي من تشبههم. الجهنّمية أُنثى، أُمٌ صبّارةٌ جبّارةٌ تتحمّل الحرّ الشديد، كلّما عطشت جنّ جنونها زهرًا شفيفًا قصير العمر خطّافًا للنظر ذا فتنة، التوليفة البديعة بين رقّة أوراقها وحدّة أشواكها تستدعي التأمّل: هل ما زال سرًا أنّ توازن الحياة يبدأ من توازن التفاصيل،
الواحد فينا بيكون متصالح مع خطّه تصالح عجيب، مع رسمه عايش سلام نفسي أعجب، مع تصويره حدّث ولا حرج، مع طبخه لا تشكيلي ببكيلك، وفجأة بدون مقدّمات ما بيعود يعرف يشارك لحظاته ببساطة على بلاطة متل أوّل لأنّو الزمن تحوّل. كانت القصة من كم سنة أسهل بكتير، حيّا الله ورقة وقلم بتكتب قلبك عليهن وبتصوّر
ماذا لو أنّنا استطعنا شمّ رائحة العطر حين تبدأ المحادثة المرئية؟ ماذا عن لمس الوجه؟ هل تألمُ لشتاتنا الشاشات كلّما تبادلنا البسمات؟ هل تشفق على ترحالنا لوحة المفاتيح كلّما أعدنا طباعة كَلِمَتَيْ: والله اشتقنا. من يدري.
يملكُ قدرةً عجيبةً بألّا ينصت إلى ما تطلبه منه مهما ارتجته، تنهمرُ أسئلته تباعًا إذا سمع ابتداء حفلة نقر الأصابع على لوحة المفاتيح تلك. سقف الغرفة ممتلئٌ بأسئلةٍ بلا أجوبة، تومضُ كيفما اتفق كلّما أُطفِئتِ الأنوار لا يلحظها أحدٌ في تلك العتمة سواها. هل يُعقل أنّ رسائلنا لا ترغب الوصول إلى أصحابها؟ أم أنها تضلّ
صباح الخير؟ كيف حالك؟ هل أنت بخير؟ لديّ عشر دقائق لمئات الكلمات.. قل لي بربّك كيف سأحسن التوزيع؟ سأكتفي بذكر الأهمّ فالمهم.. مازلت أقرأ وأقرأ.. وأتأمّل حجم الألم المخبوء بين الحروف، أدقّق في الاملاء.. بين السطور.. وفي الأسلوب.. وعلامات الترقيم حتّى.. أراجع سجلّ التعديلات.. أريد أن أتأكّد من حَدْثٍ ما في العمر مرّ لم يفارقك
للنصوص خفاياها وللكلمات دلالاتها قراءة المزيد »
في صمتها عطرٌ.. والعطر فوّاحُ.. في صمتهِ سرٌّ.. والسرُّ ذبّاحُ.. للصمتِ أسئلةٌ.. تغدو وترتاحُ.. والصمتُ أجوبةٌ.. تينٌ وتفّاحُ..
في تلك الليلة، تمتمت العرّافةُ بضع كلماتٍ قبل أن تعدّ الأميرة وأخيراً للقاء الأمير.. : “مثل هكذا تمضي الحياة، مشاعرنا كالحركات في حال دندنةٍ دائمٍ منقطع النظير، لن يفتح الحظّ أساريره لك دوماً، ثمّةَ شدّة.. وثمّةَ كسرة.. ومن ثمّ ثمّةَ ضمّةٌ يعقبها سكونٌ ليس كأيّ سكون.. فلا أزكى ولا أحلى ولا أبهى من ذلك السكون”.
غداً تتفتّح البراعم وغداً نقطف الزهور قراءة المزيد »